أيتها المعلمة حق لكل أب وأم أن يفخر بك كمعلمة لفلذات أكبادهم فكل الألسن تدعو لك أنت يا صانعة الأمهات الجميع يشعرون لك بالفضل بعد الله عز وجل فأنت التي تغرسين الفضائل في نفوس أبنائهم وأنت التي تجلسين الساعات صبيحة كل يوم مع بناتنا للتوجيه والأرشاد أنت أيتها المربية من تزرع الأدب والأخلاق في نفوس بنات المسلمين كل يوم وأنت من حمل الأمانة بنشر العلم والتأديب والتهذيب بين بنات المسلمين أنت أم حنون لكل صغيرة وأخت عطوف لكل كبيرة فأليك أيتها المعلمة كل تقدير واحترام وكل شكر وامتنان, لا تعجبي يا مربية الأجيال من هذه المقدمة فهي ليست كلمات إطراء ولا عبارات مجاملة وثناء بل هو والله الحق متى ما قمت بهذا الدور العظيم وأديت هذه الأمانة على الوجه الذي يرضاه الله عز وجل. إن الجميع يأتون لك كل صباح بأغلى ما يملكون, فلذات الأكباد فلا يطمئنون حتى يجلس بناتهم على عتبة باب المدرسة يسلمونك قلوب بيضاء لتسوديها بمداد التربية والتعليم. أيتها المعلمة إن تلك الآيات التي ترددها صغيرتي وتلك الكلمات التي تخطها بيدها لأول مرة لن أنساها ولن ينساها لك كل أب وأم, بل لن ينساها ربك جلا وعلا وهو القائل (إني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو انثى بعضكم من بعض) لك أجرها وأجر من عمل بها الى يوم القيامة, أفلا .نقدر لك قدرك ونعتز ونفخر بك
ما الفخر إلا لأهل العلم إنهم ***** على الهدى لمن إستهدى اذلاء
وقدر كل امرىء ماكان يحسنه ***** والجاهلون لأهل العلم أعداء
ففز بعلم تعش حياً بـــه ابــدا ***** الناس موتى وأهل العلم أحياء
أيتها المعلمة: أتراك تتحملين هذه المسؤولية العظيمة أمام الله وأمام الناس بكل صدق وإخلاص. أيتها المعلمات: هل تساءلتن يوم من الأيام كم عدد الطالبات اللاتي يخرجن كل صباح ليجلسن بين أيديكن؟ كم عدد الساعات التي تقضيها مئات الالوف بين أيديكن؟ إنها أعداد خيالية وأرقام عجيبة, مسؤوليات وواجبات وأمانات عظيمة لا بد من التوجيه والتذكير, بل لا بد من عقد الندوات والمحاضرات والمقالات, لماذا؟ لنجني ثمارا يانعة ومكاسب رائعة من هنا كانت هذه الرسالة تذكيرا وتبليغا للأخوات. أيتها المربية إن المعلمة الناجحة من تسعى لمعرفة عيوبها وتقصيرها وتحرص على تطوير نفسها وتقدمها أخلاقا ومعاملة وعلما وثقافة ولا يمكن معرفة العيوب والتقصير وتربية النفس والتطوير إلا .بالتواضع والتناصح والحرص على مكارم الأخلاق. فالتدريس فن ومهارة وأخلاق ومعاملة
الهدف والقصد
إن تحديد الهدف لأي عمل نقوم به أمر مهم جدا لنصل الى المراد بيسر وسهولة. وإذا كان هناك هدف فلا بد من وضع خطة ووسائل مناسبة للوصول للهدف في كل أمورنا ولا بد من المتابعة والتقييم لسلامة الوصول, فإذا ضاع الهدف فسد العمل وكان التخبط والتردد واللامبالاة, ولذا أقول للمعلمة انت أيتها المعلمة إسألي نفسك لماذا جئت للتدريس؟ وماذا تريدين منه؟ ما الهدف الذي من أجله توظفت بهذه الوظيفة؟ في الإستبانة أجاب 33% من المعلمات بأنها الوظيفة الوحيدة المناسبة للمرأة ولا خيار غيرها. وقالت 20% من المعلمات أنهن جئن للأستغلال المادي وعدم الحاجة لأحد, وقالت 6% للمساهمة في رفع دخل الأسرة.
فأقول أيتها الأخوات من أضطرت للتدريس أو جعلتها تجارة للكسب المادي فقط, فهل يرجى منها تربية وتعليم مثمر؟ بل كيف تريد التوفيق في حياتها والبركة في كسبها وهذا ربما قصدها وغايتها؟ بل كيف ستخرج الكلمات من فيها وكيف سيكون وقعها في نفوس تلميذاتها؟
أيتها المعلمة إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل إمرىء ما نوى من دعا الى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا كما في صحيح مسلم إن الله وملائكته وأهل السموات والأرض حتى النملة في جحرها ليصلون على معلم الناس الخير كما في الترمذي! اذا أيتها المعلمة من جعل هذه الوظيفة وهذه الأمانة وسيلة للكسب المادي, أتراه يستحق هذا الثواب؟
كيف وقد فقد الإخلاص لله ولم يبتغي بتعليمه وجه ربه. فالتعليم عبادة لله تؤجرين عليها, فيها فضل عظيم وخير جسيم متى ما صلحت النية وكان القصد فيها وجه الله. والنية الخالصة تفرض عليك ايتها المعلمة رقابة داخلية وإتقان للعمل وأداء للأمانة وخوفا من الله لا من الناس وتشعرين أيضا بحلاوة التعب وقيمة الساعات التي قضيتها داخل المدرسة, فهي مخلوفة عليك من العليم الخبير مع التمتع والبركة في الراتب الشهري ولا يمنع أن تستلمي راتب أو لا يمنع الإخلاص أن تأخذي راتبا بل هذا من ثمرات الإخلاص إن شاء الله إذا صدقت وأخلصت النية لله عز وجل. كل هذه من ثمرات الأخلاص وما عند الله خير وأبقى. أما العمل من أجل الدنيا وطلب المال فقط وشغل الفراغ كا يدعي البعض فهي والله خسارة عظيمة.
بتلك الفضائل الآنفة الذكر في الأحاديث, والأمر ايتها المعلمة لا يتوقف عند خسارة هذا الشيء العظيم فقط بل الأمر أشد. فقد قال صلى الله عليه وسلم من تعلم علما يبتغي به وجه الله عز وجل لا يتعلمه الا ليصيبه غرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة قاله النووي في رياض الصالحين, رواه ابو داود بإسناد صحيح.
فلماذا تعلمت؟ ولماذا تعلمين؟ لا بد من محاسبة النفس وسؤالها وتوثيق النية وتجديدها, فأنت تخرجين كل صباح بل ربما تقطعين المسافات الطويلة للتدريس وتتعرضين ربما للحوادث والأخطار فأنت تسمعين وتشاهدين الكثير من الزميلات والأخوات اللاتي يتخطفهن الموت كل حين, لكني أقول هنيئا لمن ماتت وقد أحتسبت تعليمها وتعبها وذهابها ورجوعها لله تعالى, هنيئا لمن كان هدفها نشر العلم وتربية بنات المسلمين, إنها من علامات حسن الخاتمة أن تموت المعلمة وهذا هو قصدها من التدريس والتعليم. أما المقاصد الأخرى فربما أبتلى أصحابها بالهموم وكثرة المشاكل ومحق البركة بالرزق ومن أتاه الله بالبصيرة وتدبر أحوال الناس والأمر في مثل هذا الواقع علم هذا. أقول هذا في الدنيا أما ما عند الله فيعلمه الله. هذا من آثار عدم الإخلاص وقد قال ابن الجوزية رحمه الله إنما يتعثر من لم يخلص. نسأل الله أن يرزقنا وأياكم جميعا الإخلاص في القول والعمل وأن يبارك في علمنا وتعليمنا وأعمالنا وأموالنا والله يضاعف لمن يشاء